بسم الله الرحمن الرحيم:قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وجود الجن ثابت بالقرآن والسنة واتفاق سلف الأمة ، وكذلك دخول الجني في بدن الإنس ثابت باتفاق أئمة السنة، وهو أمر مشهود محسوس لكن تدبره، يدخل في المصروع ، ويتكلم بكلام لا يعرفه، بل ولا يدري به، بل يُضرب ضربا لو ضرب به جمل لمات، ولا يحس به المصروع، وقوله تعالى : { الذي يتخبطه الشيطان من المس } وقوله صلى الله عليه وسلم Sad( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم )) وغير ذلك يصدقه. اهـ ( مجموع الفتاوى لابن تيمية )
وقال الإمام ابن قيم الجوزية : ( الصرع صرعان : صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية، وصرع من الأخلاط الرديئة. والثاني : هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه.
وأما صرع الأرواح : فأئمتهم وعقلائهم يعترفون به ، ولا يدفعونه ، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العُلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة ، فتدافع آثارها ، وتعارض أفعلها وتُبطلها ، وقد نص على ذلك بقراط في بعض كتبه ، فذكر بعض علاج الصرع ، وقال : هذا إنما ينفع من الصرع الذي سببه الأخلاط والمادة. أما الصرع الذي يكون من الأرواح ، فلا ينفع فيه هذا العلاج.
وأما جهلة الأطباء وسقطتهم وسفلتهم ، ومن يعتقد بالزندقة فضيلة ، فأولئك يُنكرون صرع الأرواح ، ولا يُقرون بأنهـا تُؤثر في بدن المصروع ، وليس معهم إلا الجهل ، وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك ، والحسُ والوجودُ شاهد به ، وإحالتهم ذلك على غلبة بعض الأخلاط ، وهو صادق في بعض أقسامه لا كلها.
وقدماء الأطباء كانوا يُسمون هذا الصرع: المرض الإلهي، وقالوا : إنه من الأرواح.
وأما جالينوس وغيره ، فتأولوا عليهم هذه التسمية ، وقالوا : إنما سموه بالمرض الإلهي لكون هذه العلة تحدث في الرأس ، فتضر بالجزء الإلهي الطاهر الذي مسكنه الدماغ.
وهذا التأويل نشأ لهم من جهلهم بهذه الأرواح وأحكامها ، وتأثيرها ، وجاءت زنادقة الأطباء فلم يثبتوا إلا صرع الأخلاط وحده.
ومن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح وتأثيرها يضحك من جهل وضعف عقولهم) اهـ ( الطب النبوي - ص : 54 /55 )...
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : ( قلت لأبي : إن قوما يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنس. فقال: يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه )( رسالة الجن 8 ).
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله Sad إن الصرع صرعان : الأول من الأخلاط ، والثاني : من الجن ويقع من النفوس الخبيثة منهم. ) ( نيل الأوطار - 8 /203 ).